أنا ؟..
أنا السهل الممتنع..أنا الممكن العصيّ..أنا ماء زلال و ملح أُجاج .. قاب قوسين أو أدنى أنا و باب من المستحيلات...
أنا صفة من الأنبياء..أنا سمة من كفر الكافرين .أنا شعبة من الإيمان ..أنا شرك عظيم .....أنا قلبي من حجر و من الحجر ما يتفجّر منه الماء..أنا خمط من سدر قليل و جنة قطوفها دانية ...أنا كالرّب... غفور رحيم و ذو بطش شديد ، جمعتُ جوامع المتناقضات و من كل شيئ أنا زوجين...
أنا...
أنا صرت بئرا معطّلة ، ترعى فيها الأفاعي و تسكنها الصقور و أطلال من أسرار تين و هيكل من ذكريات تتطاير خصلات عناقيدها من قسمات صراخ طفولتي..آه على طفولتي..آه عليّ أنا الضائع في هذا الأناي.. ذلك التلميذ النجيب الذي كان يمشي الى المدرسة أنيقا و يحصل على نتائج تُثلج صدر أمي. أناي.. ذلك الطفل المشاغب الذي كان يتسلّق الشباك ليصل إلى سقف "الدالية" و يقطف العنب و يمرق كالقرد بين أغصان "كرمة الكرموس" يبحث عن ما طاب من حصادها....أنا ذلك الولد الصلب الذي كان يلعب كمدافع أيسر في فرقة الحي و له رفاق..سي عْمر إدير..مدجاجي.. عبد الناصر ..لويزة محمد..الواسطي و مخنتر إلياس و بن سعادة و محمد حداّدة .....
..أنا ماض أرأيت كيف اغتالوه يا أنا ؟..أنت ابن طفولة بريئة يا أنا ، وؤدوها في المهد و ألقوْ بجثتها عارية في حاضر مكبّل اليدين و مصير معصّب العينين.. مجهول المعالم ....أنت ما عاد لك أثر يا أنا.. ما عدت شيئا يُذكر ، حُرقة تُلهب القلب حسرة و ألما دفينا ينغصّ عني طيب العيش و طفولة تنتظر السؤال... بأيّ ذنب قُتلت...........؟