في الخيوط الأولى من اليوم الموالي ، و بالأسحار.. و قبل الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ، انتهى بنا الحال في مركز الحدود "زوج بغال" .. وقفت الحافلة و...تمّ إفرغنا.. إلقائنا.. هناك ، كالفراخ نرتعد و نرتعش من شدّة البرد و كلّ صرب من العائلة الواحدة في ضلال و تيه..الكل كان حريص فقط على بعضه..على أفراده يتفقّدهم....يتقدّمهم . كنّا..نحن..عائلتي ، نهتدي ب"الحاج" ، كان هو قدوتنا ، كنا نقتفي خطاه و نتبعه يدا في يد متماسكين خشية الضياع.... في مخفر الجمارك حيث المكان كان مكتظا بحابل العائلات التي وجدناها أمامنا و التي جيئ بها من كل الجهات و لربما حتى من "تمنراست" و "جنات" ، رابطت مع عائلتي في طابور ننتظر الإجراءات و ما يواكبها من تفتيش و استفسار الى أن جاء موعدنا..دورنا..."حنى يامنة" التي كانت تبلغ من العمر عتيّا ، بلا وقار فكّوا منديل رأسها ظنّا منهم..الجمارك ، أننا ندسّ حبّات "اللويز" في لفّاته....( "حنى يامنة"..هذه الوليّة ، شاهد قبرها بمقبرة الشهداء ب"وجدة" يشهد بأنّها ولدت في 1887 و هذا يكفي؟؟ ، و إن كنت أعتقد..كشاهد عين وحفيد ، أنها فوق هذا التاريخ..فأنا و منذ بكرة وعيي و أنا صبيا أراها تمشي مكبّة على وجهها و تكاد تلمس الحصى و لون شعرها أحمرا..ربما عاد أحمرا من ثقل السنين.. حتى الوشم الذي كانت تضعه..تحمله على محياها و على يديها و رجليها جفّ بريقه و بهت و لم يعد يُبين..تحطّمت رسوماته مع التجاعيد...مع التاريخ؟؟..."حنى يامنة" كانت كائن من جلد و عظم فقط ..هيكل من إنسان حجري في ضعف و براءة... توفّيت ب"وجدة" سنة 1981...كم كان عمرها آنذك إن سلّمنا بشهادة شاهدها ؟ ...) . أنا و أخي محمد و في استدراج ماكر ولطيف و خبيث من أفراد الجمارك لمعرفة منا ما نخبئه نحن عائلة "الحاج قويدر" تمّت مسائلتنا برويّة و دعب حتى لا نفزع ..حتى نفصح و نستجيب... و بعد يأس من برائتنا تمّ تفتيشنا... تصوّروا.. و هذا أخي محمد رقيب و شهيد ، أنّهم نزعوا لنا الأحذية و صرموا لها أخماصها و أكعابها لعلّها تحمل أوراقا نقدية أو في الأحذية شيئ نفيس؟؟........... و سيقت العائلات تباعا إلى منفذ العبور؟؟
..
Dernière édition par admin le Dim 4 Jan - 21:17, édité 4 fois